فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْمُفَصَّلِ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَهِيكٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَمِعْتُ فَهْدًا يَقُولُ قَالَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ لَنَا اللَّيْثُ بِالْعِرَاقِ يَعْنِي‏:‏ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ‏,‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالاَ ثنا اللَّيْثُ ‏(‏ح‏)‏ وَأَنْبَأَ بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ‏,‏ ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا قَالاَ‏:‏، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ أَنْبَأَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ عَنْ سَعِيدٍ أَوْ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَهِيكٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا النَّاسَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقَوْمٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ أُرِيدَ بِهِ الاِسْتِغْنَاءُ بِالْقُرْآنِ عَنِ الأَشْيَاءِ كُلِّهَا‏;‏ لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِذَلِكَ الْجَزَاءُ الْجَزِيلُ فِي الآخِرَةِ‏,‏ وَالْوُصُولُ بِهِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَى عَاجِلِ خَيْرِهِ فِي الدُّنْيَا‏,‏ وَقَوْمٌ يَقُولُونَ هُوَ عَلَى تَحْسِينِ الصَّوْتِ لِيَرِقَّ لَهُ قَلْبُ مَنْ يَقْرَؤُهُ فَالْتَمَسْنَا الأَوْلَى مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِمَعْنَاهُ‏.‏

فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي يَزِيدَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَكَذَا قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ وَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْبَيْتِ رَثُّ الْمَتَاعِ فَقَالَ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَقُلْت لاِبْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَوْتٌ وَلَمْ يُحَسِّنْ‏؟‏ قَالَ يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ‏.‏

وَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَسْرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ هَكَذَا قَالَ لَنَا فَهْدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ فَدَخَلْنَا عَلَى رَجُلٍ رَثِّ الْبَيْتِ رَثِّ الْمَتَاعِ رَثِّ الْحَالِ فَسَأَلَنَا فَقَالَ مَنْ أَنْتُمْ‏؟‏ فَكُلُّنَا انْتَسَبَ لَهُ قَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلاً تُجَّارٌ كَسَبَةٌ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ‏.‏

فَقُلْت لاِبْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلْقٌ حَسَنٌ‏؟‏ قَالَ يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ فَكَانَ مَعْنَى مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو لُبَابَةَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَا رَأَوْهُ بِهِ مِنْ رَثَاثَةِ الْحَالِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ‏,‏ وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ طَلَبْنَا هَذَا الْبَابَ هَلْ نَجِدُهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى طَلَبِ الأَوْلَى بِهِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فَكَانَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ذَمًّا لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فِي الأَشْيَاءِ الَّتِي تُعَاضُ مَنْ كَانَتْ أَوْ تَكُونُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الذَّمِّ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَعَلَى الْمَعْنَى لَهُ مِنْهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ بِغَيْرِ تَحْسِينٍ مِنْهُ لَهُ صَوْتَهُ مُرِيدًا بِقِرَاءَتِهِ إيَّاهُ الأَحْوَالَ الْمَحْمُودَةَ مُثَابًا عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ مَذْمُومٍ عَلَيْهِ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ هَذَا الْمَعْنَى‏,‏ وَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ الْمَعْنَى عَنْهُ‏,‏ وَلَمْ يُقَلْ فِي تَأْوِيلِهِ غَيْرُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَانْتَفَى أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الآخَرُ مِنْهُمَا وَهُوَ الاِسْتِغْنَاءُ بِهِ عَنْ سَائِرِ الأَشْيَاءِ سِوَاهُ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ الْقَوْلِ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْت يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ قَالَ شَهِدْت كَابُلَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ فَأَصَابَ النَّاسُ غَنَمًا فَانْتَهَبُوهَا فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَنْ انْتَهَبَ مِنْ هَذَا الْغَنَمِ شَيْئًا فَلْيَرُدَّهُ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنَّا حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً مَشْهُورَةً فَلَيْسَ مِنَّا‏.‏

وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةَ قَالاَ ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَحُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ النُّهْبَةِ‏,‏ وَقَالَ مَنْ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ حُمَيْدًا‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ أَنْبَأَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ الْحَكَمِ أَخُو بَنِي لَيْثٍ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقُدُورٍ فِيهَا لَحْمُ غَنَمٍ انْتَهَبُوهَا فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ إنَّ النُّهْبَةَ لاَ تَحِلُّ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ عَلَى كُلِّ نُهْبَةٍ‏,‏ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى خَاصٍّ مِنْهَا فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ‏.‏

فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَانَا قَالاَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لُحَيٍّ هُوَ أَبُو عَامِرٍ الْهَوْزَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ الأَيَّامِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ فَقَرَّبْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَنَاتٍ خَمْسًا أَوْ سِتًّا فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ بِأَيَّتِهَا يَبْدَأُ فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً لَمْ أَفْقَهَّا فَقُلْت لِلَّذِي كَانَ إلَى جَنْبِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قَالَ‏:‏ قَالَ مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَاجِيَةَ صَاحِبِ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عُدِمَ مِنْ الْبُدْنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ انْحَرْهُ ثُمَّ اغْمِسْ قِلاَدَتَهُ فِي دَمِهِ‏,‏ ثُمَّ اضْرِبْ بِهَا صَفِيحَتَهُ هَكَذَا قَالَ‏:‏ وَإِنَّمَا هِيَ صَفْحَتُهُ ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ نَاجِيَةَ أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْ الْهَدْيِ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ انْحَرْهَا ثُمَّ أَلْقِ قَلاَئِدَهَا فِي دَمِهَا‏,‏ ثُمَّ خَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا يَأْكُلُونَهَا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكَانَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إبَاحَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنَّاسِ الَّذِينَ يَحِلُّ لَهُمْ ذَلِكَ الْهَدْيُ أَخْذَ مَا يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ ذَلِكَ الْهَدْيِ بِغَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ إلَى نَاسٍ بِأَعْيَانِهِمْ‏,‏ وَبِغَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ إلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْهَدْيِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ النُّهْبَةَ الَّتِي نَهَى عَنْهَا فِي الآثَارِ الآُوَلِ‏,‏ وَنَفَى مَنْ فَعَلَهَا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ هِيَ خِلاَفُ هَذِهِ النُّهْبَةِ‏,‏ وَأَنَّهَا نُهْبَةُ مَا لَمْ يُؤْذَنْ فِي نُهْبَتِهِ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي بَقِيَّةِ الأَشْيَاءِ الَّتِي مَنْ كَانَتْ مِنْهُ فَلاَ يَكُونُ مِنْهُ صلى الله عليه وآله وسلم

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَمَالِكٌ وَأُسَامَةُ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ وَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَيَحْيَى بْنُ بُرَيْدٍ الأَشْعَرِيُّ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالَ فَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَنْ كَانَ مِنْهُ هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

ثنا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَنْبَأَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَنَفَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالاَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مَالِكٌ بْنُ الْخَيْرِ الزِّيَادِيُّ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا فَدَخَلَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعْنَى مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَعْجَبَهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ بِطَعَامٍ مَبْلُولٍ‏,‏ فَقَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّ الْعَلاَءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِصُبْرٍ مِنْ طَعَامٍ يُبَاعُ فِي السُّوقِ فَكَانَ فِي أَسْفَلِهِ بَلَلٌ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ مَا هَذَا‏؟‏ فَقَالُوا أَصَابَهُ الْمَاءُ فَقَالَ‏:‏ أَفَلاَ أَظْهَرْتُمُوهُ لِلنَّاسِ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَخَلَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعْنَى مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْفٍ عَنْ خَالِدٍ الأَحْدَبِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَبَكَوْا عَلَيْهِ فَقَالَ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْكُمْ مِمَّا بَرِئَ إلَيْنَا مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَلاَ خَرَقَ وَلاَ سَلَقَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي بِقَوْلِهِ سَلَقَ تَكَلَّمَ بِمَا لاَ يَحِلُّ لَهُ الْكَلاَمُ بِهِ‏,‏ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ لَمَّا أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ بَكَى عَلَيْهِ‏,‏ فَرَفَعَ عَنْهُ الثَّوْبَ وَقَالَ‏:‏ أَمَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَيْسَ مِنِّي مَنْ حَلَقَ وَلاَ خَرَقَ وَلاَ سَلَقَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدُعَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ امْرَأَةِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَلاَ خَرَقَ وَلاَ سَلَقَ.

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الأَعْمَشِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَدَخَلَ مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ فِي مَعْنَى مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَيَّاتِ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ فَمَنْ تَرَكَهُنَّ خِيفَتَهُنَّ فَلَيْسَ مِنَّا‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد ثنا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ خَشِيَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنَّا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَخَلَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعْنَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ.

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَ حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُغِيرَةُ الضَّبِّيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَتَصُومُ النَّهَارَ قَالَ‏:‏ قُلْت نَعَمْ وَتَقُومُ اللَّيْلَ قَالَ‏:‏ قُلْت نَعَمْ‏.‏

قَالَ‏:‏ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنَامُ وَأَمَسُّ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَخَلَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الطَّائِيُّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَلَيْسَ مِنَّا.

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَخَلَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ أَبُو الْمُنِيبِ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنِّي قَالَهَا ثَلاَثًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَخَلَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ‏:‏ إنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَصَدَّقَهُمْ عَلَى كَذِبِهِمْ‏,‏ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْت مِنْهُ وَلَيْسَ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمُنْقِرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ يَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ أُعِيذُكَ بِاَللَّهِ مِنْ إمْرَةِ السُّفَهَاءِ إنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ‏,‏ وَصَدَّقَهُمْ عَلَى كَذِبِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْت مِنْهُ وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ‏,‏ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَأَبُو غَسَّانَ قَالاَ ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قُعَيْسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْعَرَبِ وَخَمْسَةٌ مِنْ الْمَوَالِي فَقَالَ‏:‏ هَلْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ فَمَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ‏,‏ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ‏,‏ وَغَشِيَ أَبْوَابَهُمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْت مِنْهُ وَلَيْسَ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ‏,‏ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ‏,‏ وَلَمْ يَغْشَ أَبْوَابَهُمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَعَاذَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ بَعْدِي‏,‏ فَقَالَ وَمَا هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ قُصُورَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ‏,‏ وَأَعَانَهُمْ عَلَى جَوْرِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلاَ يَرِدُ عَلَيَّ حَوْضِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَخَلَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَطِئَ حُبْلَى فَدَخَلَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا فِي مَعَانِي مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَمْلَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا‏,‏ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَدَخَلَ مَعْنَى مَا فِي هَذَا فِي مَعَانِي مَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكَانَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ الَّتِي نَفَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَتْ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ فِيهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ مَذْمُومَةً فَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اخْتَارَ لَهُ صلى الله عليه وسلم الآُمُورَ الْمَحْمُودَةَ وَنَفَى عَنْهُ الآُمُورَ الْمَذْمُومَةَ‏,‏ فَكَانَ مَنْ عَمِلَ الآُمُورَ الْمَحْمُودَةَ مِنْهُ‏,‏ وَمَنْ عَمِلَ الآُمُورَ الْمَذْمُومَةَ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا حَكَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ نَبِيِّهِ إبْرَاهِيمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي ذُرِّيَّتِهِ {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}.‏

وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ مُخْبِرًا لِعِبَادِهِ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ دَاوُد صلى الله عليه وسلم {إنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهْرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} فِي أَمْثَالٍ لِهَذَا مَوْجُودَةٍ فِي الْكِتَابِ مَعْنَاهَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا‏,‏ فَدَلَّ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ عَمَلاً عَلَى شَرِيعَةِ نَبِيِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ أَتْبَاعُهُ فَإِنَّهُ مِنْهُ‏,‏ وَأَنَّ كُلَّ عَامِلٍ عَمَلاً تَمْنَعُ مِنْهُ شَرِيعَةُ نَبِيِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ أَتْبَاعُهُ لَيْسَ مِنْهُ‏;‏ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَا دَعَاهُ إلَيْهِ‏,‏ وَعَنْ مَا هُوَ عَلَيْهِ إلَى ضِدِّ ذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْمُسْلِمِ عِنْدَ الاِنْتِهَاءِ إلَى الْقَوْمِ وَعِنْدَ الْقِيَامِ عَنْهُمْ‏,‏ وَهَلْ سَلاَمُ مَنْ انْتَهَى إلَيْهِمْ يَكُونُ بَعْدَ أَنْ يَجْلِسَ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ وَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنَّ الآُولَى لَيْسَتْ بِأَحَقَّ مِنْ الآخِرَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ ثنا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَا مِثْلَهُ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ‏,‏ عَنْ سَعِيدٍ‏,‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏,‏ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ فَذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ يَعْنِي‏:‏ الْمَعْرُوفَ بِصَاعِقَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكَانَ أَهْلُ الأَسَانِيدِ فِيمَا سَمِعْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ‏:‏ يَسْتَحْسِنُونَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ مَا لاَ يَسْتَحْسِنُونَهُ هُوَ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ وَفِيمَا رَوَيْنَا أَنَّ سَلاَمَ الْجَائِي يَكُونُ عَلَى الْقَوْمِ عِنْدَ انْتِهَائِهِ إلَيْهِمْ قَبْلَ جُلُوسِهِ مَعَهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْجَارُودُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلاَنَ يَقُولُ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الآُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الآخِرَةِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ سَلاَمَهُ عَلَيْهِمْ يَكُونُ بَعْدَ جُلُوسِهِ مَعَهُمْ‏,‏ فَقَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَتْبَعُ مِثْلَ هَذَا يَطْلُبُ بِهِ التَّمْوِيهَ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ بِاللُّغَةِ هَذَا اخْتِلاَفٌ شَدِيدٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الاِخْتِلاَفِ وَلَكِنَّهُ عَلَى سِعَةِ اللُّغَةِ‏,‏ وَأَخْلِقْ بِمَا ظَنَنْت أَنَّهُ اخْتِلاَفٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ مَنْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُنْكَرٍ‏;‏ لأَنَّهُمْ عَرَبٌ وَلُغَتُهُمْ يَتَّسِعُ لَهُمْ هَذَا فِيهَا‏,‏ وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمِثْلِ هَذَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} فَكَانَ ذَلِكَ مَذْكُورًا بِبُلُوغِ الأَجَلِ وَلاَ إمْسَاكَ لِلْمُطَلِّقِينَ بَعْدَ بُلُوغِ الْمُطَلَّقَاتِ آجَالَهُنَّ‏;‏ لأَنَّهُ انْقِضَاءُ عِدَدِهِنَّ مِنْهُمْ‏,‏ وَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ ‏{‏فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ‏}‏‏.‏

إنَّمَا هُوَ عَلَى قُرْبِ بُلُوغِ الأَجَلِ لاَ عَلَى حَقِيقَةِ بُلُوغِهِ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي الآيَةِ الآُخْرَى وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ‏}‏ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إلَى الْقَوْمِ فَلْيُسَلِّمْ يُرِيدُ بِهِ حَقِيقَةَ مَوْضِعِ السَّلاَمِ‏,‏ وَقَوْلُهُ إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيُسَلِّمْ يُرِيدُ بِهِ قُرْبَ قُعُودِهِ مَعَهُمْ مِنْ انْتِهَائِهِ إلَيْهِمْ لاَ حَقِيقَةَ الْقُعُودِ مَعَهُمْ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مِنْ قَوْلِهِ لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ قُرَّةَ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ‏,‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ شِرَائِهِ أَبَاهُ مَمْلُوكًا لَهُ حَتَّى يَعْتِقَهُ‏,‏ وَأَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ الْفُتْيَا فِي الأَمْصَارِ لاَ يَقُولُونَ هَذَا مَعَ اسْتِقَامَةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيهِمْ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَوْهِينِهِمْ إيَّاهُ وَرَغْبَتِهِمْ عَنْهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ الَّذِي تَوَهَّمَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِيهِ إذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ أَيْ‏:‏ فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ شِرَاؤُهُ إيَّاهُ فَقَالَ‏:‏ فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، دَلِيلَنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى تَهْوِيدِهِمَا إيَّاهُ وَلاَ تَنْصِيرِهِمَا إيَّاهُ تَهْوِيدًا وَتَنْصِيرًا يَسْتَأْنِفَانِهِ فِيهِ‏,‏ وَلَكِنْ يَكُونُ كَذَلِكَ سَبَبٌ مِنْهُمَا يُوجِبُ ذَلِكَ فِيهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ لَيْسَ عَلَى عَتَاقٍ يَسْتَأْنِفُهُ فِيهِ بَعْدَ شِرَائِهِ إيَّاهُ‏,‏ وَلَكِنَّ سَبَبَهُ مِنْهُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ مَعَهُ بَعْدَ مِلْكِهِ إيَّاهُ بَقَاءُ مِلْكِهِ فِيهِ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ وَفِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ إنَّ الشَّيْطَانَ يَمْشِي بِالنَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، شَكَّ زُهَيْرٌ، يَقُولُ إذَا انْقَطَعَ أَوْ مَنْ انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَلاَ يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ وَلاَ يَمْشِي فِي خُفٍّ وَاحِدٍ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ بِالآثَارِ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ‏,‏ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مِنْدَلٌ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رُبَّمَا رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فَفِي هَذَا اخْتِلاَفٌ لاَ نُحِبُّ لَكُمْ أَنْ تُضِيفُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الاِخْتِلاَفَ فِي مِثْلِ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَكَافُؤِ الأَسَانِيدِ فِيهِ‏,‏ وَثُبُوتِ الرِّوَايَاتِ لَهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ فَلاَ يَكُونُ كَمَا ذَكَرْت‏,‏ وَبَعْضُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيهَا وَلاَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يُعَارِضَ بِمَا رَوَى مَا رَوَاهُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ، عَنْ عَائِشَةَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ مِنْدَلٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الثَّبْتِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَبْلَهُ فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ لاَ سِيَّمَا‏,‏ وَإِنَّمَا رَوَى مَا ذَكَرْت عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَهُوَ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فَإِنَّ رِوَايَتَهُ لَيْسَتْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَسَانِيدِ الْقَوِيَّةِ‏,‏ وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُخَالِفُهَا عَنْ جَابِرٍ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ‏;‏ لأَنَّ مَنْ لَبِسَ نَعْلاً وَاحِدَةً أَوْ خُفًّا وَاحِدًا كَانَ بِذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ سَخِيفًا وَسَخِرُوا مِنْهُ‏,‏ فَمِثْلُ هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَهْيٌ وَجَبَ أَنْ يُنْتَهَى عَنْهُ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي اسْتِغْفَارِهِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ مَرَّتَيْنِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَالْمُقَصِّرِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قِيلَ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قِيلَ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَغْفَرَ لِلْمُحَلِّقِينَ مَرَّتَيْنِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً قَالَ قَائِلٌ‏:‏ قَدْ أَبَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ فِي الإِحْرَامِ وَوَصَفَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ بِدُخُولِهِمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ عَلَيْهِ‏,‏ وَوَعَدَهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ} فَكَأَنَّ الْمُحَلِّقِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى حَلَقُوا وَالْمُقَصِّرِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ قَصَّرُوا‏,‏ فَمِنْ أَيْنَ فُضِّلَ الْمُحَلِّقُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ‏؟‏ قِيلَ لَهُ لِمَعْنًى قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَلَقَ رِجَالٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَصَّرَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ‏,‏ قَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالَ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ قَالُوا فَمَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمْ بِالتَّرَحُّمِ‏؟‏ قَالَ إنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ لِمَ ظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً‏؟‏ قَالَ‏:‏ لأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.

فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا تَفْضِيلُ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ‏;‏ لأَنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا فَكَانَ فِي ذَلِكَ إثْبَاتُ الشَّكِّ مِنْ الْمُقَصِّرِينَ‏.‏

فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَمَا كَانَ شَكُّ الْمُقَصِّرِينَ فِي ذَلِكَ‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ كَانَ لِمَعْنًى ذَكَرَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَبُو حَمَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ حَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَحَلَقَ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حِينَ رَأَوْهُ حَلَقَ‏,‏ وَأَمْسَكَ آخَرُونَ فَقَالُوا‏:‏ وَاَللَّهِ مَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ فَقَصَّرُوا‏.‏

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ‏,‏ فَقَالَ رِجَالٌ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ‏:‏ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ فَقَالَ رِجَالٌ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ قَالُوا‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ‏:‏ وَالْمُقَصِّرِينَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَلْقِ الَّذِي كَانُوا يَعْلَمُونَ الْحَلْقَ فِيهِ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ مِنْ شَرِيعَتِهِ‏,‏ وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ اقْتِدَاؤُهُمْ وَاتِّبَاعُهُمْ لَهُ فِيمَا رَأَوْهُ يَفْعَلُهُ أَوْثَقَ فِي قُلُوبِهِمْ مِمَّا تَقَدَّمَ عِلْمُهُمْ لَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ‏,‏ وَكَانُوا بِذَلِكَ مُقَصِّرِينَ فِي الْوَاجِبِ لَهُ عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ‏,‏ وَكَانَ الْحَالِقُونَ فَاعِلِينَ لِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ امْتِثَالِ فِعْلِهِ‏,‏ وَتَرْكِ التَّخَلُّفِ عَنْ الْقُدْوَةِ بِهِ فَفَضَلُوا بِذَلِكَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ مِثْلِهِ لاَ لِفَضْلٍ فِي الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَلَكِنْ‏;‏ لأَنَّ السَّبْقَ إلَى الْمَعْرِفَةِ لِلأَشْيَاءِ يُوجِبُ الْفَضِيلَةَ لِلسَّابِقِينَ إلَيْهَا كَمَا وَجَبَ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِسَبْقِهِ النَّاسَ إلَى تَصْدِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إتْيَانِهِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مِنْ مَكَّةَ وَرُجُوعِهِ مِنْهُ إلَى مَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ حَتَّى سُمِّيَ بِذَلِكَ الصِّدِّيقَ وَإِنْ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا يَشْهَدُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ ذَلِكَ إذَا وَقَفُوا عَلَيْهِ‏.‏

وَكَمَا اسْتَحَقَّ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ أَنْ جُعِلَتْ شَهَادَتُهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ لَمَّا شَهِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ بَايَعَهُ الْبَعِيرَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْتَاعَهُ مِنْهُ عِنْدَ جُحُودِ الأَعْرَابِيِّ ذَلِكَ وَعِنْدَ قَوْلِهِ لَهُ هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ لَك فَلَمَّا شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بِمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَيْفَ شَهِدْت وَلَمْ تَكُنْ مَعَنَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ شَهِدْت بِتَصْدِيقِكَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ‏.‏

وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالنَّاسُ جَمِيعًا يَشْهَدُونَ بِصِدْقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنَّ خُزَيْمَةَ لَمَّا سَبَقَهُمْ إلَى ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْفَضِيلَةَ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُحَلِّقُونَ اسْتَحَقُّوا الْفَضِيلَةَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ بِسَبْقِهِمْ إيَّاهُمْ إلَى طَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاقْتِدَائِهِمْ بِهِ وَأَخْذِهِمْ مَا آتَاهُمْ إيَّاهُ وَانْتِفَاءِ الشَّكِّ مِنْ قُلُوبِهِمْ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَعِلْمِهِمْ أَنَّ مَا عَايَنُوا مِنْهُ أَوْلَى بِهِمْ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ عِلْمُهُمْ لَهُ مِنْهُ مَعَ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ الْمُقَصِّرِينَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُمْ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ وَالآخَرُ مِنْ الأَنْصَارِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا إبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حَلَقَ‏,‏ وَحَلَقَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ غَيْرَ رَجُلَيْنِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَلَمْ نَجِدْ هَذَا التِّبْيَانَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ‏.‏

فَأَمَّا الأَوْزَاعِيِّ فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ هَذَا عَنْ يَحْيَى كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَغْفِرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَيْسَ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ بِدُونِ الأَوْزَاعِيِّ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي الْمُفَصَّلِ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ‏؟‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ يَعْنِي‏:‏ سُحَيْمًا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُفَصَّلَ بِمَكَّةَ فَكُنَّا حِجَجًا نَقْرَؤُهُ لاَ يَنْزِلُ غَيْرُهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْحُجُرَاتِ لَيْسَتْ مِنْهُ‏,‏ وَأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ‏;‏ لأَنَّ فِيهَا نَهْيَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ النَّاسَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ظَنَّ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ الأَنْصَارِيُّ فِيهِ بِنَفْسِهِ مَا ظَنَّ حَتَّى جَلَسَ فِي بَيْتِهِ فَأَعْلَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانَ سَبَبُ رُجُوعِهِ إلَى مَجْلِسِهِ‏;‏ وَلأَنَّ فِيهَا {لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} وَإِنَّمَا كَانَ سَبَبُ نُزُولِ ذَلِكَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ مَشُورَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِتَوْلِيَةِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِتَوْلِيَتِهِ مِنْ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَمِنْ الْقَعْقَاعِ وَمِنْ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ‏,‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا‏;‏ وَلأَنَّ فِيهَا {إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآيَةَ‏,‏ فَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ ذَلِكَ فِي الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُصَدِّقًا إلَى قَوْمٍ فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ لِيُكْرِمُوهُ فَلَمَّا رَآهُمْ مُقْبِلِينَ نَحْوَهُ أَدْبَرَ هَارِبًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ عَنْهُمْ بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏,‏ وَجَاءُوا مِنْ بَعْدُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهُمْ عَلَيْهِ وَرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُوَلِّ أَحَدًا وَلَمْ يَبْعَثْ مُصَدِّقًا‏,‏ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ‏;‏ وَلأَنَّ فِيهَا ‏{‏وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا‏}‏ الآيَةَ‏,‏ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِسَبَبٍ كَانَ بَيْنَ الأَنْصَارِ حَتَّى تَحَارَبُوا مِنْ أَجْلِهِ بِمَا تَحَارَبُوا بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

وَإِذَا انْتَفَى أَنْ تَكُونَ الْحُجُرَاتُ مِنْ الْمُفَصَّلِ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا‏;‏ وَلأَنَّ الْحُجُرَاتِ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ بِالْمَدِينَةِ كَانَ أَوَّلُهُ ‏(‏قاف) ثُمَّ نَظَرْنَا إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي مَالِكٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهُمْ بَنُو مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ لَهُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَ أَهْلِهِ‏,‏ وَكَانَ يَخْتَلِفُ إلَيْهِمْ فَيُحَدِّثُهُمْ بَعْدَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ‏,‏ وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُهُمْ تَشَكِّيهِ قُرَيْشًا ثُمَّ يَقُولُ لاَ سَوَاءَ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ بِمَكَّةَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ لَنَا وَعَلَيْنَا فَاحْتَبَسَ عَنَّا لَيْلَةً فَقُلْنَا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَبِثْتَ عَنَّا اللَّيْلَةَ أَكْثَرَ مِمَّا كُنْتَ‏.‏

قَالَ‏:‏ نَعَمْ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَأَحْبَبْت أَنْ لاَ أَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى أَقْضِيَهُ فَقُلْنَا لأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا أَنَّهُ طَرَأَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ حِزْبٌ مِنْ الْقُرْآنِ فَكَيْفَ كُنْتُمْ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ‏؟‏ قَالُوا نُحَزِّبُهُ ثَلاَثَ سُوَرٍ، وَخَمْسَ سُوَرٍ، وَسَبْعَ سُوَرٍ، وَتِسْعَ سُوَرٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً، وَثَلاَثَ عَشْرَةَ سُورَةً، وَحِزْبَ مَا بَيْنَ الْمُفَصَّلِ وَأَسْفَلَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ ثَقِيفٍ فَأَنْزَلَنَا عَلَيْهِ‏,‏ وَأَنْزَلَ إخْوَانَنَا مِنْ الأَحْلاَفِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَكَانَ يَأْتِينَا صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُنَا‏,‏ وَكَانَ عَامَّةُ حَدِيثِهِ تَشَكِّيهِ قُرَيْشًا وَيَقُولُ وَلاَ سَوَاءَ كُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَذَلِّينَ مُسْتَضْعَفِينَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ كَانَتْ الْحَرْبُ سِجَالاً لَنَا وَعَلَيْنَا فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُلْنَا لَهُ فَقَالَ‏:‏ إنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنْ الْقُرْآنِ‏,‏ وَكُنْت أُحَزِّبُهُ‏.‏

قَالَ فَلَقِيت بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقُلْت‏:‏ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَزِّبُ الْقُرْآنَ‏؟‏ قَالَ كَانَ يُحَزِّبُهُ ثَلاَثًا وَخَمْسًا وَسَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَسَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ الطَّائِفِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ وَفَدْت فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ الأَحْلاَفُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَأَنْزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ فَكَانَ يَنْصَرِفُ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعِشَاءِ فَيُحَدِّثُنَا قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُرَاوِحَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ‏,‏ وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا كَانَ يَلْقَى مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ يَقُولُ لاَ سَوَاءَ كُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَذَلِّينَ مُسْتَضْعَفِينَ فَلَمَّا هَاجَرْنَا كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ نُدَالُ عَلَيْهِمْ وَيُدَالُونَ عَلَيْنَا‏,‏ فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَبْطَأَ عَلَيْنَا عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَأْتِي فِيهِ‏,‏ فَقُلْتُ‏:‏ أَبْطَأْت عَلَيْنَا اللَّيْلَةَ فَقَالَ إنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبِي مِنْ الْقُرْآنِ فَكَرِهْت أَنْ أَجِيءَ حَتَّى أُتِمَّهُ قَالَ أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ‏؟‏ قَالُوا ثَلاَثًا وَخَمْسًا وَسَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَبُو خَالِدٍ وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ فَنَظَرْنَا فِيهِ فَإِذَا ثَلاَثَةُ سُوَرٍ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ، الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ وَالْخَمْسُ الْمَائِدَةُ وَالأَنْعَامُ وَالأَعْرَافُ وَالأَنْفَالُ وَبَرَاءَةُ وَالسَّبْعُ يُونُسُ، وَهُودٌ، وَيُوسُفُ، وَالرَّعْدُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالْحِجْرُ، وَالنَّحْلُ وَالتِّسْعُ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وطه، وَالأَنْبِيَاءُ، وَالْحَجُّ، وَالْمُؤْمِنُونَ، وَالنُّورُ، وَالْفُرْقَانُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ الطَّوَاسِينُ، وَالْعَنْكَبُوتُ، وَالرُّومُ وَلُقْمَانُ، وَالسَّجْدَةُ، وَالأَحْزَابُ، وَسَبَأُ، وَفَاطِرٌ، ويس وَالثَّلاَثَ عَشْرَةَ‏:‏ الصَّافَّاتُ، وص، وَالزُّمَرُ، وحم، يَعْنِي‏:‏ آلَ حَمِيم وَسُورَةُ مُحَمَّدٍ، وَالْفَتْحُ، وَالْحُجُرَاتُ، وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ تَحْقِيقُ أَمْرِ الْحُجُرَاتِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمُفَصَّلِ وَأَنَّ الْمُفَصَّلَ مَا بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سُقَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ قَالَ كَانَ أَوَّلُ مُفَصَّلِ ابْنِ مَسْعُودٍ الرَّحْمَنَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهَذَا عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إنَّمَا جَاءَ لاِخْتِلاَفِ تَأْلِيفِ السُّوَرِ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ تَوَلَّوْا كِتَابَةَ الْقُرْآنِ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وعنهم وَهُوَ التَّأْلِيفُ الَّذِي هُوَ الْحُجَّةُ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ سُورَةِ الرَّحْمَنِ، قاف، وَالذَّارِيَاتُ وَمَا سِوَاهُمَا مِنْ السُّوَرِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُورَةِ الرَّحْمَنِ‏,‏ وَتَكُونُ الْحُجُرَاتُ خَارِجَةً مِنْ ذَلِكَ رَاجِعَةً إلَى مِثْلِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْزِيبِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَحَادِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ حَرْفٌ يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ‏,‏ وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهِ فَقُلْتُ‏:‏ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَزِّبُ الْقُرْآنَ فَفِي ذَلِكَ إضَافَةُ تَحْزِيبِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ مِمَّا رَجَعَ إلَى حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ أَوْسٌ‏:‏ فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ فَأَضَافَ التَّحْزِيبَ إلَيْهِمْ لاَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ كَيْفَ الْحَقِيقَةُ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٌ وَهَلْ هُمَا سُورَتَانِ أَوْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إلَى الأَنْفَالِ وَهِيَ مِنْ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٍ وَهِيَ مِنْ الْمِئِينَ فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ فَمَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَقَالَ عُثْمَانُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْ السُّوَرِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ فَكَانَ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَخَلَ بَعْضُ مَنْ يَكْتُبُ لَهُ فَيَقُولُ‏:‏ ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا‏,‏ وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الآيَاتُ قَالَ ضَعُوا هَذِهِ الآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا‏,‏ وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الآيَةُ‏,‏ قَالَ‏:‏ ضَعُوا هَذِهِ الآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَتْ الأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ يَعْنِي‏:‏ نُزُولاً‏,‏ وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا‏,‏ فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْت بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَوَضَعْتُهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ظَنَّ عُثْمَانُ رضي الله عنه أَنَّهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَتَحْقِيقُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا سُورَتَانِ‏,‏ وَإِذَا كَانَ تَحْزِيبُ الْقُرْآنِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَا سُورَتَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَتَبَايُنُهُمَا فِي الْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَ نُزُولُهُمَا فِيهِمَا يَدُلُّ أَنَّهُمَا سُورَتَانِ لاَ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الأَنْفَالَ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قُلْت‏:‏ سُورَةُ الأَنْفَالِ‏.‏

قَالَ‏:‏ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ‏.‏

قُلْت‏:‏ فَالْحَشْرُ‏.‏

قَالَ نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَبَدْرٌ إنَّمَا كَانَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَبَرَاءَةٌ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ الْبَرَاءِ أَنَّ بَرَاءَةً سُورَةٌ كَامِلَةٌ بَائِنَةٌ مِنْ الأَنْفَالِ وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ رضي الله عنه لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ رَأْيًا إذْ كَانَ مِثْلُهُ لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ‏,‏ وَإِنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ تَوْقِيفًا‏;‏ لأَنَّ مِثْلَهُ لاَ يُؤْخَذُ إِلاَّ بِالتَّوْقِيفِ وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي جَرَى فِيهِ الاِخْتِلاَفُ الَّذِي ذَكَرْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ رضي الله عنهما‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْزَرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ جِبْرِيلُ إذَا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عَلِمَ أَنَّ السُّورَةَ قَدْ انْقَضَتْ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ إيَّاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَعْلَمُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنْزِلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِيهِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَعْلَمُ بِهِ آخِرَ السُّورَةِ‏,‏ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ فِيمَا اخْتَلَفَ عُثْمَانُ وَهُوَ رضي الله عنهما فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَا اخْتِلاَفَهُمَا فِيهِ كَانَتْ الْحَقِيقَةُ فِيهِ مَا قَالَهُ هُوَ فِيهِ لِمَا قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِمَّا لَمْ يُوقَفْ عَلَيْهِ عُثْمَانُ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ‏.‏

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ فَهُوَ حَبْرٌ يَعْنِي‏:‏ بِذَلِكَ السَّبْعَ الطِّوَالَ مِنْ الْقُرْآنِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْرَقِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ فَهُوَ حَبْرٌ أَفَلاَ تَرَى أَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ بَرَاءَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي ذَلِكَ دُونَ الأَنْفَالِ أَوْ دَخَلَ الأَنْفَالُ فِي ذَلِكَ دُونَ بَرَاءَةٍ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُمَا سُورَتَانِ لاَ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينِ‏,‏ وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ وَفُضِّلْت بِالْمُفَصَّلِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ أَفَلاَ تَرَى أَنَّ الأَنْفَالَ مِنْ الْمَثَانِي‏,‏ وَأَنَّ بَرَاءَةً مِنْ الْمِئِينَ‏,‏ وَأَنَّ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَاحِبَتِهَا‏,‏ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَكَانَ مَا أُعْطِيَ الآُخْرَى مَكَانَهُ فِيمَا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا سُورَتَانِ لاَ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي التَّحْزِيبِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ أَيْضًا فَإِنْ يَكُنْ التَّحْزِيبُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الْحُجَّةُ الَّتِي لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهَا‏,‏ وَإِنْ يَكُنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ رضوان الله عليهم فَهُمْ الْمُقْتَدُونَ بِهِ الْمُتَّبِعُونَ لِآثَارِهِ الَّذِينَ لاَ يَخْرُجُونَ عَنْ مَا كَانَ عَلَيْهِ‏,‏ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مَا كَانَ فِي التَّحْزِيبِ‏,‏ فَقَدْ ثَبَتَ بِهِ أَنَّ بَرَاءَةً وَالأَنْفَالَ سُورَتَانِ لاَ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

وَقَدْ ذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ تَرْكَهُمْ كَانَ اكْتِتَابَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَ الأَنْفَالِ وَبَرَاءَةٍ لِغَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ وَأَنِفُوا أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا يَذْهَبُ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه لِعِنَايَتِهِ كَانَ بِالْقُرْآنِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا إلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ رضي الله عنه عَلَى ذَلِكَ وَيَذْكُرُونَ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنَّمَا كَانَ تَرْكُهُمْ لِكِتَابَتِهَا بَيْنَ الأَنْفَالِ وَبَيْنَ بَرَاءَةٍ‏;‏ لأَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حُرُوفُ رَحْمَةٍ وَسُورَةُ بَرَاءَةٍ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ جِنْسِ مَا يُرَادُ بِهِ الرَّحْمَةُ‏,‏ وَإِنَّمَا هِيَ نَقْضُ عُهُودٍ وَنِذَارَاتٌ وَوَعِيدَاتٌ وَتَخْوِيفَاتٌ وَإِبَانَةُ نِفَاقٍ مِمَّنْ نَافَقَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَاسْتَحَقَّ بِهِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الْعَذَابِ‏,‏ وَالتَّخْلِيدِ فِي النَّارِ فَلَمْ يَرَوْا مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكْتُبُوا فِي أَوَّلِهَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إذْ كَانَ مَا بَعْدَهُ أَكْثَرُهُ لاَ رَحْمَةَ فِيهِ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ أَضْدَادٌ لَهَا‏,‏ وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي عَلَى غَيْرِ جِهَةِ الآثَارِ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ التَّوْفِيقَ‏.‏

وَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي مَقَالَتِهِمْ هَذِهِ أَنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سُورَتَيْنِ مِنْ سُوَرِ الْعَذَابِ قَدْ كُتِبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سَطْرُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ وَتَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ سُورَةَ الْعَذَابِ قَدْ يُكْتَبُ قَبْلَهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَمَا يُكْتَبُ قَبْلَ سُورَةِ الرَّحْمَةِ‏.‏

وَكَانَ آخَرُونَ يَقُولُونَ إنَّمَا تُرِكَ اكْتِتَابُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَبْلَ سُورَةِ بَرَاءَةٍ إعْظَامًا لِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ خِطَابِ الْمُشْرِكِينَ بِهَا فَفَسَدَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدْفَعُهُ فَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا يَدْفَعُهُ فَكِتَابُ سُلَيْمَانَ إلَى صَاحِبَةِ سَبَإٍ الْكِتَابُ الَّذِي أَعْلَمَتْ صَاحِبَةُ سَبَإٍ قَوْمَهَا أَنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ‏,‏ وَأَنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهِيَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْهُدْهُدِ لِسُلَيْمَانَ عليه السلام {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ}‏.‏

وَأَمَّا مَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَنْبَأَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إلَى أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا لَهُمْ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بسم الله الرحمن الرحيم مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ السَّلاَمُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ‏,‏ وَفِيمَا ذَكَرْنَا إبَاحَةُ ابْتِدَاءِ خِطَابِ الْمُشْرِكِينَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَمَّا انْتَفَى هَذَانِ الْقَوْلاَنِ الآخَرَانِ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ سِوَاهُمَا وَسِوَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ ثَبَتَ الْقَوْلُ الأَوَّلُ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ سَمِعْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ قَالَ أَنْبَأَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ‏:‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي أَوْ مَا نَذَرُ‏؟‏ قَالَ احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُكَ‏.‏

قَالَ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا قَالَ فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ‏,‏ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ‏,‏ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏,‏ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ فَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحْظُرْ عَلَى الرِّجَالِ سَتْرَ عَوْرَاتِهِمْ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَلاَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُوسَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْخِطْمِيُّ عَنْ مَوْلاَةٍ لِعَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ مَا رَأَيْت فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِيهِ‏,‏ وَذَلِكَ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كَانَ فِي سُنَّتِهِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ تَرَكَهُ وَاسْتَعْمَلَ سُنَنَ نَفْسِهِ مِنْهُ‏,‏ وَذَلِكَ لِمَا أَعْلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مَنْزِلَتِهِ وَرَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ‏,‏ وَجَعَلَ رُتْبَتَهُ الرُّتْبَةَ الْمُتَجَاوِزَةَ لِرُتَبِ سَائِرِ خَلْقِهِ سِوَاهُ فَكَانَ فِيمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ السَّتْرِ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنْ هَذِهِ مَنْزِلَتُهُ‏,‏ وَكَانَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ عَلَى حُكْمِ سُنَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْهُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا، عَنْ عَائِشَةَ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ وَعِنْدَكُمْ عَنْهَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّد بْنِ عَبَّادٍ الشَّجَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي فَأَتَاهُ فَقَرَعَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَامَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْيَانًا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ عُرْيَانًا قَبْلَهُ فَقَبَّلَهُ وَاعْتَنَقَهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، أَنَّ حَدِيثَ عُرْوَةَ هَذَا، عَنْ عَائِشَةَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِحَدِيثِ مَوْلاَتِهَا عَنْهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ‏;‏ لأَنَّ الَّذِي فِي هَذَا إخْبَارُهَا أَنَّهَا رَأَتْهُ عُرْيَانًا‏,‏ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ عُرْيًا لَيْسَ فِيهِ انْكِشَافُ عَوْرَةٍ وَأَطْلَقَتْ عَلَيْهِ فِيهِ الْعُرْيَ‏;‏ لأَنَّ أَكْثَرَ بَدَنِهِ كَانَ كَذَلِكَ‏.‏

وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ لِيَلْقَى رَجُلاً لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَلْقَاهُ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ‏,‏ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعُرْيَ الَّذِي لَقِيَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ انْكِشَافُ عَوْرَةٍ لَهُ وَعَادَ بِذَلِكَ مَا رَأَتْهُ عَائِشَةُ مِنْهُ حِينَئِذٍ إلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَرَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بَدَنِهِ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهَا لَمْ تَرَ لَهُ حِينَئِذٍ عَوْرَةً‏,‏ وَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ مَا رَوَتْهُ مَوْلاَةُ عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏